المحسنات البديعية
هي من الوسائل التي يستعين بها الأديب لإظهار
مشاعره وعواطفه ، وللتأثير في
النفس ، وهذه المحسنات تكون رائعة إذا كانت
قليلة و مؤدية المعنى الذي
يقصده الأديب ، أما إذا جاءت كثيرة ومتكلفة
فقدت جمالها و تأثيرها و أصبحت
دليل ضعف الأسلوب ، وعجز الأديب
.
نذكر أن :
المحسنات تسمى أيضاً " الزينة اللفظية
- الزخرف البديعي - اللون البديعي - التحسين اللفظي " .
1 - الطباق :
هو الجمع بين الكلمة وضدها في الكلام الواحد
.
وهو نوعان :
أ - طباق إيجابي : إذا اجتمع في الكلام
المعنى وعكسه .
مثل :
* - (لا فضل لأبيض على أسود إلا بالتقوى).
* - (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي
الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ
وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ
مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ
مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ
عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ *
تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ
النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ
وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ
الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ
وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ)
(آل عمران: 26 - 27).
ب - طباق سلبي : هو أن يجمع بين فعلين أحدهما
مثبت ، والآخر منفي ، أو أحدهما أمر و الأخر نهي .
مثل :
*- (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ
وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) (الزمر: من الآية9) .
* -(فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْن) (المائدة:
من الآية44).
2 - المقابلة : هي أن يؤتى بمعنيين أو أكثر
أو جملة ، ثم يؤتى بما يقابل ذلك الترتيب .
مثل :
* - (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ
عَلَيْهِمُ الْخَبَائِث) (الأعراف: من الآية157).
* - (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ
بِالْحُسْنَى *
فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا
مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى *
وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ
لِلْعُسْرَى) (الليل من5 : 10) .
* - (اللهم أعطِ منفقا خلفا و أعطِ ممسكا تلفا)
.
الأثر الفني للتضاد والمقابلة
:
يعملان على إبراز المعنى وتقويته وإيضاحه
و إثارة الانتباه عن طريق ذكر الشيء وضده .
3 - الجناس **
تعريفه - اتفاق أو تشابه كلمتين في اللفظ
واختلافهما في المعنى ، وهو نوعان :
أ - جناس تام (موجب)
:
و هو ما اتفقت فيه الكلمتان في أربعة أمور
:
نوع الحروف وعددها وترتيبها وضبطها
مثل :
* - (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ
مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَة) (الروم: من الآية55)
* - (صليت المغرب في أحد مساجد المغرب)
* - (يقيني بالله يقيني)
* -(أَرْضِهم مادمت في أَرْضِهم)
ب - جناس ناقص (غير تام)
:
و هو ما اختلف فيه اللفظان في واحد من الأمور
الأربعة السابقة : نوع الحروف وعددها وترتيبها وضبطها .
مثل :
* - الاختلاف في نوع الحروف : مثل قول أبي فراس
الحمداني :
من بحر شعرك أغترف .. وبفضل علمك أعترف
* - الاختلاف في عدد الحروف
:
فيا راكب الوجناء (الناقة الشديدة)هل أنت
عالم .. فداؤك نفسي كيف تلك المعالم
* - الاختلاف في الترتيب : مثل قول أبي تمام
: بيض الصفائح (السيوف) لا سود الصحائف (م صحيفة).
*- الاختلاف في الضبط : كقول خليل مطران
:
يا لها من عَبْرَة للمستهام (الهائم) وعِبْرَة
للرائي
***سر جمال الجناس***
أنه يحدث نغماً موسيقياً يثير النفس وتطرب
إليه الأذن . كما يؤدِّى إلى
حركة ذهنية تثير الانتباه عن طريق الاختلاف
في المعنى ، ويزداد الجناس
جمالاً إذا كان نابعاً من طبيعة المعاني
التي يعبر عنها الأديب ولم يكنْ
متكلَّفاً وإلا كان زينة شكلية لا قيمة
لها
***الخلاصة في سر جماله
***
أنه يعطى جرساً موسيقياً تطرب له الأذن
ويُثير الذهن لما ينطوي عليه من مفاجأة تقوى المعنى .
4- السجع :
*** هو توافق الفاصلتينِ في فِقْرتين أو أكثر
في الحرف الأخير.
*** أو هو توافق أواخر فواصل الجمل [الكلمة
الأخيرة في الفقرة] ، ويكون في النثر فقط
مثل :
*- (الصوم حرمان مشروع ، وتأديب بالجوع ، وخشوع
لله وخضوع).
* - (المعالي عروس مهرها بذل النفوس).
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
: [ربّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي ،
وَاغْسِلْ حَوْبَتي (أي إثمي) ، وَأجِبْ
دَعْوَتي ، وَثَبِّتْ حُجَّتِي ...
] .
من السجع ما يسمى " الترصيع
" ، وهو أن تتضمن القرينة الواحدة سجعتين أو سجعات
** كقول الحريري : " فهو يطبع الأسجاع
بجواهر لفظه ، ويقرع الأسماع بزواجر وعظه "
سر جمال السجع :
يحدث نغماً موسيقياً يثير النفس وتطرب إليه
الأذن إذا جاء غير متكلف .
*** يجدر الذكر ***
*- أن الشعر يحْسُنُ بجمال قوافيه ، كذلك النثر
يَحْسُنُ بتماثل الحروف الأخيرة من الفواصل.
*- أجمل أنواع السجع ما تساوت فقراته مثل
:
*- (الحقد صدأ القلوب ، واللجاج سبب الحروب)
اللجاج : التمادي في الخُصومة
*- إذا لم يكن هناك سجع بين الجمل يسمى الأسلوب
مترسلاً .
5 - التورية :
هي ذكر كلمة لها معنيان أحدهما قريب ظاهر
غير مقصود والآخر بعيد خفي وهو المقصود و المطلوب ، وتأتي التورية في الشعر و النثر
.
مثل :
* - قول الشبراوي : فقد ردت الأمواج سائله نهراً
.
[سائله] : لها معنيان الأول قريب وهو
" سيولة الماء " ، ليس المراد .
الثاني بعيد و هو " سائل العطاء
" و هو المراد .
[نهراً]: لها معنيان الأول قريب وهو
" نهر النيل " ، ليس المراد .
الثاني بعيد و هو " الزجر والكف
" و هو المراد .
* - أيها المعرض عنا حسبك الله تعالى
[تعالى] : لها معنيان الأول قريب وهو
" تعاظم وعلا " ، ليس المراد .
الثاني بعيد و هو " طلب الحضور
" و هو المراد .
* - قال حافظ مداعبا شوقي
يقولون إن الشوق نار ولوعة .. فما بال شوقي
اليوم أصبح باردا
(شوقى) شدة الشوق (شوقى)اسم الشاعر
غير مقصود وهو المقصود
* - فرد عليه شوقي قائلا
:
وحملت إنسانا وكلبا أمانة .. فضيعها الإنسان
والكلب حافظ .
(حافظ) صانها (حافظ) اسم الشاعر
غير مقصود وهو المقصود
* - النهر يشبه مبردا فلأجل ذا يجلوا الصدى
(الصدى) الصدأ (الصدى) العطش
غير مقصود وهو المقصود
***سر جمال التورية ****
تعمل على جذب الانتباه و إيقاظ الشعور و
إثارة الذهن ونقل إحساس الأديب.
6 - الازدواج : هو اتفاق الجمل المتتالية في
الطول والتركيب و الوزن
الموسيقي بشرط ألا يوجد اتفاق في الحرف
الأخير ، ويأتي في النثر فقط .
مثل :
*- " حبب الله إليك الثبات ، و زيّن في عينيك
الإنصاف ، و أذاقك حلاوة التقوى "
* - " لا يترفع عند بني أو زاهد ، ولا ينحط عن
دني أو خامل " .
*** قيمته الفنية ***
مصدر للموسيقى الهادئة التي تطرب الأذن
.
7 - مراعاة النظير :
هو الجمع بين الشيء وما يناسبه في المعنى
بشرط ألا يكونا ضدين .
مثل :
* - سناء تقرأ ورانيا تكتب
.
* - كقوله تعالى: (أولئك الذين اشتروا الضلالة
بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين)
* - أكلنا و شربنا .
*** قيمته الفنية ***
تقوية المعنى ، وتأكيده و نقل إحساس الأديب
8 - التصريع :
هو تشابه نهاية الشطر الأول مع نهاية الشطر
الثاني في البيت الأول.
مثال:
* - سكت فغر أعدائي السكوتُ وظنوني لأهلي قد
نسيتُ
*** سر جماله ***
يحدث نغما موسيقيا يطرب الأذن.
9 - حسن التقسيم:هو تقسيم البيت إلى جمل متساوية
في الطول والإيقاع ، ويأتي في الشعر فقط .
مثال:
* - الوصل صافية ، والعيش ناغية والسعد حاشية
والدهر ماشينا.
* - متفرد بصبابتي ، متفرد بكآبتي ، متفرد بعنائي.
*** سر جماله ***
يحدث نغما موسيقيا يطرب الأذن.
10 - الالتفات :
هو الانتقال من ضمير إلى ضمير كأن ينتقل
من ضمير الغائب إلى المخاطب أو المتكلم و المقصود واحد .
* - كقوله تعالى:
(وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى
الْأَرْضَ بَارِزَةً
وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ
أَحَداً * وَعُرِضُوا عَلَى
رَبِّكَ صَفّاً لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا
خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ
بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ
مَوْعِداً) (الكهف47 :48) .
فقد تكلم الله عن المشركين بضمير الغائب
في قوله : (وحشرناهم) ثم بضمير
المخاطب في قوله : (جئتمونا) . وتكلّم جلّ
وعلا عن نفسه فقال : (وحشرناهم)
بضمير المتكلم ثم قال: (وعرضوا على ربّك).
* - يقول البارودي : أنا المرء لا يثنيه عن
طلب العلا نعيم ولا تعدو عليه المقافر
فقد انتقل الشاعر من ضمير المتكلم [أنا]
إلى ضمير الغائب في [يثنيه]
*** سر جمال الالتفات ***
إثارة الذهن وجذب الانتباه ودفع الملل
.
0 comments:
Post a Comment